اختارت منظمة الصحة العالمية في يوم الصحة العالمي الذي يوافق 7 نيسان / أبريل 2018، موضوعاً في غاية الأهمية وهو (التغطية الصحية الشاملة: للجميع وفي كل مكان)، تؤكد فيه أكثر من أي وقت مضى، منذ تأسيسها قبل سبعين سنة، أن رؤية (الصحة للجميع) التي نسعى إليها على مدى عقود، لا يمكن أن تتحقق ما لم ننجح في تحقيق (التغطية الصحية الشاملة) للجميع وفي كل مكان.
تعني (التغطية الصحية الشاملة)، وبكل بساطة العمل المجتمعي من أجل ضمان حصول جميع الناس على الخدمات الصحية التي يحتاجونها بما فيها الخدمات الصحية التعزيزية والوقائية والعلاجية والتأهيلية والملطفة، والجيدة بما يكفي لأن تكون فعّالة، دون أن يتسبب ذلك في حدوث عجز مالي لديهم.
لا شك أن تحقيق ذلك يتطلب نظاماً صحياً قوياً وفعالاً وإدارة جيدة تفي بالاحتياجات الصحية ذات الأولوية من خلال الرعاية المتكاملة التي تركز على الناس، وتأخذ بعين الاعتبار حاجات جميع مجموعات السكان في المجتمع.
يتضمن هذا التعريف ثلاثة أهداف رئيسة:
- الإنصاف في الوصول إلى الخدمات الصحية ـ أي أنه ينبغي لمن يحتاجون هذه الخدمات أن يحصلوا عليها، وليس فقط من يستطيعون دفع تكلفتها؛
- أن تكون نوعية الخدمات الصحية جيدة بما يكفي لتحسين صحة من يتلقون هذه الخدمات؛
- الحماية من العجز المالي ـ أي ضمان أن تكلفة الرعاية لن تسبب مصاعب مالية تهدد معيشة المجموعات السكانية الأقل دخلاً.وهكذا، (ينبغي ألا يضطر أحد إلى الاختيار بين شراء الدواء وشراء الغذاء).
إن للتغطية الصحية الشاملة تأثير مباشر على حياة السكان بكل جوانبها الصحية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، لذلك تعد (التغطية الصحية الشاملة) عنصراً أساسياً لتحقيق التنمية المستدامة والحد من الفقر، وعنصرا حاسماً في أي جهد يسعى إلى تقليل الفوارق الاجتماعية.
تستند (التغطية الصحية الشاملة) بقوة إلى (دستور منظمة الصحة العالمية) الذي أعلن في عام 1948 بأن الصحة هي حق من حقوق الإنسان الأساسية، وكذلك إلى شعار (الصحة للجميع) الذي حدده إعلان ألما-آتا في عام 1978 بإجماع دول العالم. وتزداد الحاجة إليها عند المجموعات الواقعة خارج مظلة (التغطية الصحية الشاملة) لاسيما العاملين في القطاع الأهلي أو الخاص وغيرهم كالأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن.
في بلادنا العربية تزداد الحاجة إلى مظلة (التغطية الصحية الشاملة) بسبب افتقار مجموعات كبيرة في المجتمع للخدمات الصحية ليس فقط في البلاد التي تشهد نزاعات مسلحة والبلاد ذات الدخل المنخفض بل أيضاً في البلاد مرتفعة الدخل حيث العمالة الوافدة والتباين بين مجموعات السكان وغيرها. إن غياب (التغطية الصحية الشاملة) جزئياً أو كلياً يشكل تحدياً كبيراً أمام جهود الحد من الفقر وتحقيق التنمية المستدامة وفق رؤية 2030.
لقد شاركت الحكومات العربية في الفعاليات العالمية والإقليمية التي نظمتها منظمة الصحة العالمية مثل:
- التوجهات الاستراتيجية لتحسين تمويل الرعاية الصحية في (إقليم شرق المتوسط): التحرك نحو توفير التغطية الشاملة 2011 ـ 2015.
- الاجتماع الإقليمي بشأن التعجيل بإحراز تقدم نحو (التغطية الصحية الشاملة): الخبرات العالمية والدروس المستفادة في إقليم شرق المتوسط، 5 ـ 7 كانون الأول / ديسمبر 2013.
- حلقة عمل بشأن بناء القدرات في مجال النظم الصحية نحو تحقيق (التغطية الصحية الشاملة).
- تقرير المشاورة الإقليمية بشأن إشراك القطاع الصحي الخاص في التعجيل بإحراز تقدم نحو (التغطية الصحية الشاملة)، وغيرها.
ورغم كل هذه المشاركات فإن هذا الموضوع الحيوي لايزال محدوداً في السياسات الصحية الموضوعة وفي برامج التشاركات الحكومية والأهلية مع القطاع الخاص، هذه التشاركات التي تشكل حجر الزاوية على طريق تحقيق (التغطية الصحية الشاملة).
في هذا اليوم، (يوم الصحة العالمي)، تكاد تغيب الفعاليات الإعلامية، والصحية والبحثية في منطقتنا العربية عن مشهد الفعاليات العالمية العديدة التي تقام بهذه المناسبة في جميع أنحاء العالم لرصد ما تم تحقيقه من إنجازات، الأمر الذي يدعونا كمؤسسات حكومية وخاصة ومنظمات المجتمع المدني إلى بذل المزيد من الجهود وبناء التحالفات التشاركية لاستكمال مظلة (التغطية الصحية الشاملة)، فالتنمية المستدامة في المجتمع لا يمكن أن تتحقق ما لم ينعم بالصحة الجميع، وفي كل مكان.
#WorldHealthDay
طبيب بشري حائز على شهادة الماجستير في طب الأذن والأنف والحنجرة وجراحتها، والبورد السوري، بالإضافة إلى الدراسات العليا من جامعة برمنجهام في المملكة المتحدةBirmingham, UK، وهو من الناشطين في المجتمع المدني العربي والدولي، له إسهامات طبية وثقافية وإنسانية عديدة، إلى جانب الكتابة باللغتين العربية والإنجليزية.
له عدة إصدارات في مجال الإعاقة السمعية، والبصرية، كما نشر المئات من المقالات والأبحاث في الصحة، والإعاقة، والعمل الإنساني والحقوقي وجوانب ثقافية متعددة.
شارك في تأسيس وإدارة وعضوية (الهيئة الفلسطينية للمعوقين)، (الرابطة السورية للمعلوماتية الطبية)، (الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم)، اللجنة العلمية لنقابة أطباء دمشق، وهيئة تحرير (المجلة الطبية العربي)، ولجنة الإعاقة بولاية كارولينا الشمالية للسلامة العامة، قسم إدارة الطوارئ، وعضو جمعية نقص السمع في منطقة ويك، ولاية كارولينا الشمالية، وعضو لجنة العضوية في تحالف الأطباء الأمريكي، ومستشار مؤقت لمنظمة الصحة العالمية إقليم المتوسط في القاهرة للمؤتمر الإقليمي (أفضل الممارسات في خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للأشخاص المعوقين)، القاهرة، مصر (نوفمبر 2007)، كما شارك في كتاب (مواضيع الشيخوخة والإعاقة)، منظور عالمي، إصدار لجنة الأمم المتحدة غير الحكومية للشيخوخة، نيويورك 2009.
(http://www.ngocoa-ny.org/issues-of-ageing-and-disabi.html)
وقد حاز الدكتور غسان شحرور خلال مسيرته على:
- درع الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم، 2000.
- جائزة الإمارات العالمية التي يرعاها الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعمل الطبي الإنساني عام 2002.
- درع الأولمبياد الخاص، بمناسبة تشكيل الأولمبياد الخاص الإقليمي، 1993.
- براءات التقدير والشكر من منظمات الإعاقة والتأهيل في مصر، الإمارات، قطر، تونس، والكويت وغيرها.
- منظم ومدرب (مهارات التقديم المتطورة للعاملين الصحيين والأطباء)، رابطة المعلوماتية 2006.
- جائزة نجم الأمل العالمية، للإنجازات في مجال الإعاقة، مؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة اتفاقية أوتاوا، كارتاجنا، كولومبيا 32 ديسمبر / كانون الأول 2009.
- أختير ضمن رواد المعلوماتية الطبية في العالم وفق موسوعة (ليكسيكون) الدولية 2015،
Biographical Lexicon of Medical Informatics ،
http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4584086/