بقلم: د. روحي عبدات
أشارت اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في ديباجتها إلى أن الإعاقة تحدث “بسبب التفاعل بين المصابين بها والحواجز في المواقف والبيئات المحيطة التي تحول دون مشاركتهم مشاركة كاملة فعالة في مجتمعهم على قدم المساواة مع الآخرين”.
لذلك، لا تقتصر الإعاقة على جوانب القصور الجسدي أو الحسي التي يعاني منها الشخص، فهي تعتبر نسبية عندما تتفاعل مع المتغيرات البيئية الأخرى كالحواجز أو التسهيلات العمرانية، الاتجاهات المجتمعية نحو الإعاقة، أو السياسات والقوانين التي قد يصطدم بها صاحب الإعاقة والتي تعيق قدرته على الحصول على حقوقه في التعليم والصحة وغيرها من الأمور أسوة بالآخرين.
وبالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقات الخفية كالإعاقة النفسية، فإن التحديات المرتبطة بهذه الإعاقة لا تتوقف عند القصور في العمليات العقلية عند الشخص والتي تنعكس على أدائه اليومي، وإنما تتعدى ذلك إلى تفاعل هذه الظروف النفسية مع الظروف الاجتماعية المحيطة به والتي تجعل من عملية تكيفه مع المجتمع الذي يعيش فيه صعبة للغاية، حيث عدم فهم حالته والخلط بين مفهوم إعاقته والإعاقات الأخرى، وتجاهل احتياجاته، وعدم الاعتراف بأهليته وقدرته على أداء الكثير من المهام والأعمال باستقلالية، وبالتالي الوصاية عليه وأخذ القرارات الخاصة به بالنيابة عنه.
هذه التحديات تحدد إلى أي مدى باستطاعة الشخص الاندماج مع المجتمع الذي يعيش فيه، أو زيادة العقبات والتهميش وبالتالي المعاناة الناجمة عن الاصطدام بتلك الحواجز المجتمعية.
لذلك فالإعاقة النفسية الاجتماعية من حيث التعريف، هي مصطلح يستخدم لوصف الإعاقة التي قد تنشأ عن مشكلة تتعلق بالصحة العقلية، وهو مصطلح لا يتعلق بالتشخيص النفسي فقط، بل بالتأثير الوظيفي والحواجز التي قد يواجهها الشخص المصاب بحالة صحية عقلية. فتنشأ الإعاقة النفسية الاجتماعية عندما يتفاعل شخص يعاني من حالة صحية عقلية مع بيئة اجتماعية تشكل الحواجز أمام المساواة مع الآخرين. فالجانب الاجتماعي الذي يعيشه الشخص ذو الإعاقة النفسية، سواءً كان داعماً أو معيقاً، يحدد إطار هذه الإعاقة وشدتها وقدرة الشخص على توظيف طاقاته في المجتمع الذي يعيش فيه بشكل مناسب.
وإذا كانت البيئة الاجتماعية تشكل عنصراً معيقاً إضافياً، فمن شأن الإعاقة النفسية-الاجتماعية أن تقيد قدرة الشخص على:
- أن يتكيف مع أنواع معينة من البيئات أو الأماكن
- التركيز
- القدرة على التحمل لإكمال المهام
- التعامل مع ضغوط الوقت والمهام المتعددة
- التتفاعل مع الآخرين
- فهم الملاحظات البناءة
- السيطرة على التوتر.
لذلك، يحتاج الشخص ذو الإعاقة النفسية الاجتماعية إلى الدعم من البيئة الأسرية والاجتماعية المحيطة، للتخفيف من آثارها وتبعاتها، ومساعدته في التغلب على العوائق التي تحول دون دمجه الاجتماعي الكامل بصرف النظر عما يملكه من جوانب قدرة أو قصور.
لماذا من المهم التركيز على الإعاقات النفسية، أو النفسية الاجتماعية؟
- نظراً لأنها من الإعاقات الخفية والتي قد لا تكون ظاهرة على أصحابها، ومن ثم يتم تجاهل احتياجات أصحابها.
- نظراً لأن بعض الثقافات لا زالت تنظر بوصمة نحو المرضى النفسيين، وبالتالي تحاول الكثير من الأسر أو ألأشخاص إخفاء الإعاقة النفسية أو الإعلان عنها
- يتم تجاهل حقوق أصحابها في مجال (الأهلية القانونية) نظراً لأنهم مرضى نفسيين بوصفهم غير قادرين على اتخاذ القرارات المناسبة لهم أو التصرف بشؤونهم باستقلالية، الأمر الذي يخالف ما نصت عليه المادة (12) من الاتفاقية الدولية وهو (الاعتراف بالأشخاص ذوي الإعاقة على قدم المساواة مع الآخرين أمام القانون).
- يتم النظر إليهم من الناحية الطبية فقط باعتبارهم فئة تحتاج إلى علاج طبي من قبل مصحات العلاج النفسي، دون النظر إلى الأسباب والظروف البيئية المحيطة بهم كمسببات للإعاقة أو كطرق للعلاج وإعادة التأهيل.
- يتم الخلط بين أصحابها وبين الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية، والنظر إليهم باعتبارهم ذوي قدرات عقلية متدنية مدى الحياة.
- دكتوراه الفلسفة في التعليم الخاص والدامج ـ الجامعة البريطانية بدبي
- يعمل حالياً في إدارة رعاية وتأهيل أصحاب الهمم ـ وزارة تنمية المجتمع ـ دبي.
- له العديد من المؤلفات حول التقييم والتأهيل النفسي والتربوي وتشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة.
- باحث مشارك مع مجموعة من الباحثين في جامعة الامارات العربية المتحدة للعديد من الدراسات المنشورة في مجال التربية الخاصة.
- ألقى العديد من المحاضرات والدورات وشارك في الكثير من المؤتمرات حول مواضيع مشكلات الأطفال السلوكية، وأسر الأشخاص المعاقين، والتقييم النفسي التربوي، التشغيل، التدخل المبكر.
- سكرتير تحرير مجلة عالمي الصادرة عن وزارة تنمية المجتمع في الإمارات.
- سكرتير تحرير مجلة كن صديقي للأطفال.
جوائز:
- جائزة الشارقة للعمل التطوعي 2008، 2011
- جائزة راشد للبحوث والدراسات الإنسانية 2009
- جائزة دبي للنقل المستدام 2009
- جائزة الناموس من وزارة الشؤون الاجتماعية 2010
- جائزة الأميرة هيا للتربية الخاصة 2010
- جائزة العويس للإبداع العلمي 2011