إعداد المهندس عماد الدين حمودة، ترجمة أ. نورا الشرابي
عَرَّف قاموس كامبريدج القمامة الفضائية بأنها: “مواد وأشياء غير مرغوب بها تُركت في الفضاء نتيجة نشاطات بشرية”.
هذه القضية القائمة حالياً هي موضع مناقشات مهمة فيما يتعلق بوجودها وبطريقة التعامل معها.
تنتج القمامة الفضائية من تحطم أو تآكل المركبات التي صنعها وأطلقها البشر إلى الفضاء، ومع أن هذه البقايا لا يمكن أن تُرى بالعين المجردة عند النظر إلى السماء، لكنها موجودة على بعد لا تطاله عين البشر في ما يعرف باسم “مدار الأرض المنخفض” (Low Earth Orbit – LEO).
وفق ناسا(NASA)، هناك ملايين القطع من الحطام الفضائي تدور في فلك مدار الأرض المنخفض بسرعات تتجاوز أحياناً سرعة الطلقة النارية بسبع مرات.
بالإضافة إلى ذلك فإن كثيراً من الحطام الفضائي صغير لدرجة لا تسمح لنا أن نتعقبه، ولكن يكفي حجمه ليسبب ضرراً شديداً في المركبات الفضائية عند التصادم معها، مما يشكل خطراً كارثياً على المهمات الفضائية.
تنتج هذه الأجزاء المعدنية العائمة من حوادث كالتصادم الذي حصل بين قمرين صناعيين عام 1965 والذي أدى لانفجارهما، أو عندما قامت الصين بتجربة بعض الأسلحة المخصصة لإسقاط الأقمار الصناعية، حيث أطلقت السلاح على قمرها الصناعي المعطل الخاص بالطقس مما أدى إلى تشكل أكبر سحابة من الحطام الفضائي في التاريخ الحديث.
تم تسجيل عدد من حوادث تصادم مع الحطام الفضائي، ففي الثاني من حزيران من العام 2021 ارتطمت قطعة من الحطام الفضائي بأحد الأذرع الروبوتية لمحطة الفضاء الدولية (ISS) تاركة ثقباً خلفها، لكن وظائف الذراع لم تتأثر.
لكن هناك حوادث تصادم أكثر تأثيراً حصلت نتيجة الارتطام بالحطام الفضائي، كما حصل في العاشر من شباط عام 2009 حيث ارتطم قمر الاتصالات الصناعي الأميركي (إريديوم 33) بقمر روسي حربي معطل خاص بالاتصالات مما أدى إلى تشرذم القمرين معاً إلى قطع من الحطام الفضائي.
كل هذه العوامل تشكل عقبة لابد من التعامل معها عند التحضير لإطلاق أي مهمة فضائية، ليس فقط لأن هذه الأجزاء من الحطام الفضائي تهدد أرواح رواد الفضاء الذين يسافرون إلى الفضاء، ولكن لأن أجزاء الحطام هذه تضع الأقمار الصناعية والمحطات الفضائية التي تدور في مدار الأرض في خطر أيضاً.
بناءً على هذا العدد الكبير من قطع الحطام الفضائي، بات من المحتم على الأقمار الصناعية أو المركبات الفضائية أن تأخذ مساراً خارجاً عن مسار الركام الفضائي السابح في مدار الأرض.
وعلى سبيل المثال، اضطرت محطة الفضاء الدولية أن تقوم بمناورة في العاشر من نوفمبر من العام 2023 لتجنب الاصطدام بقطعة حطام فضائي، فقامت بتشغيل محركها لمدة خمس دقائق، وهذه مرة من مرات كثيرة اضطرت فيها المحطة إلى التحرك لتجنب الاصطدام بالحطام الفضائي.
وبحسب مسؤولين في ناسا (NASA) فإن محطة الفضاء الدولية اضطرت منذ عام 1999 وحتى عام 2022 إلى التحرك والمناورة 32 مرة لتجنب الاصطدام بحطام فضائي.
أيضاً اضطرت كوكبة الأقمار الصناعية ستار لينك التابعة لشركة سبيس إكس (Space X) للاتصالات إلى المناورة 25 ألف مرة لتجنب التصادم مع الحطام الفضائي ما بين الأول من ديسمبر 2023 ومايو 2023 .
1300 مناورة من تلك المناورات كانت قد حصلت فقط لتجنب التصادم مع حطام القمر الصناعي الصيني الذي حاولت الصين تحطيمه بالأسلحة والذي تكلمنا عنه سابقاً.
نتيجة لذلك تقدمت شركة سبيس إكس (Space X) في يونيو من العام 2023 بشكوى إلى هيئة الاتصالات الفيدرالية فيما يتعلق بهذا الأمر وقد ذكرت في شكواها وتقريرها أن أكبر خطر يمكن أن تتعرض له أقمار ستار لينك يتأتى من حطام التجربة التي قامت بها الصين.
إلا أن أخطار الحطام الفضائي لا تتوقف عند ما ذكر، فهي أيضاً مصدر خطر على البشر على الأرض، فقد كان هناك عدة حالات من سقوط حطام فضائي عشوائي على الأرض وفي كثير من هذه الحوادث وقع الحطام في المحيط، إلا أنه في مارس من العام 2024 سقطت قطعة كبيرة من الحطام الفضائي على منزل في فلوريدا.
حسب صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، فقد شرع أصحاب المنزل في مقاضاة وكالة ناسا، للحصول على تعويض مالي بأكثر من 80 ألف دولار تعويضاً عن الأضرار التي طالت منزلهم.
إن الحطام الفضائي يمثل مشكلة حقيقية وخطيرة بسبب زيادة حركة المرور الفضائية في السنوات الأخيرة.
وحسب القانون الدولي وفي حالة الحوادث الدولية، تكون الدولة التي أطلقت الجسم الفضائي أو الدولة التي تم إطلاقه منها، مسؤولة عن أي ضرر تسببه تلك الأجسام.
تُدرس حالياً طرق تكنولوجية فعالة لملاحقة وإزالة الحطام الفضائي لكن الأهم من هذا أن هناك قوانين وُضعت للحد من التسبب في الحطام الفضائي مستقبلاً، حيث تتعلق هذه القوانين بالتزام الجهات التي تطلق الأقمار الصناعية بإرشادات حول تحلل الأقمار بعد انتهاء عمرها خلال 25 عاماً وكل دولة لا تلتزم بهذه القوانين عليها التعويض عن أي أضرار تتسبب بها.
من الجدير ذكره أن هناك أكثر من 36 ألف قطعة حطام أكبر من 10 سم موجودة في الفضاء، بينما يقدر عدد قطع الحطام التي هي بين 1-10 سم بحوالي مليون قطعة، أما القطع التي يتراوح حجمها بين 1 ملم و 1سم فيقدر عددها ب 130 مليون قطعة. ووصل وزن هذا الحطام الفضائي بالمجمل حتى بداية عام 2022 إلى ما يعادل 9000 طن.
المراجع:
- https://dictionary.cambridge.org/dictionary/english/space-junk
- https://www.nasa.gov/headquarters/library/find/bibliographies/space-debris/
- https://www.mckinsey.com/featured-insights/mckinsey-explainers/what-is-space-junk
- https://aerospace.org/article/space-debris-101
- https://www.britannica.com/technology/space-debris
- https://www.space.com/international-space-station-space-debris-spacex-dragon-spacecraft-arrival
- https://www.nbcnews.com/science/space/nasa-space-station-debris-crashed-florida-home-rcna147990