جان جاك روسو كاتب وفيلسوف يعد من أهم كتاب عصر العقل، وهي فترة من التاريخ الأوروبي، امتدت من أواخر القرن السابع عشر إلى أواخر القرن الثامن عشر الميلاديين، حيث ساعدت فلسفته في تشكيل الأحداث السياسية التي أدت إلى قيام الثورة الفرنسية، كما أثرت أعماله مجالات التعليم والأدب والسياسة.
وُلد روسو في مدينة جنيف بسويسرا في 28 يونيو 1712، توفيت أمه عقب ولادته مباشرة، تاركة الطفل لينشأ في كنف والده، الذي عُرف بميله إلى الخصام والمشاجرة، ونتيجة لإحدى المشاجرات عام 1722م، اضطر والد روسو إلى الفرار من جنيف، فتولى عم الصبي مسؤولية تربيته.
في عام 1728م، هرب روسو من جنيف، وبدأ حياة من الضياع، والتجربة والفشل في أعمال كثيرة، فقد كانت تستهويه الموسيقى دوماً، وظل لسنوات مترددًا بين احتراف الكتابة أو الموسيقى، وبعد وقت قصير من رحيله عن جنيف، وهو في الخامسة عشرة من عمره، التقى روسو بالسيدة لويز دي وارنز، وكانت أرملة ميسورة الحال، عاش معها حتى العام 1740م.
وفي عام 1741م أو 1742م، كان روسو في باريس يجري وراء الشهرة والثروة، وقد سعى إلى احتراف الموسيقى، وكان أمله يكمن في وضع نظام جديد للعلامات والرموز الموسيقية كان قد ابتكره، وقدم المشروع إلى أكاديمية العلوم، ولكنه أثار قدرًا ضئيلاً من الاهتمام في باريس، ثم اتَّصل روسو بـالفلاسفة وهي جماعة من مشاهير كتاب وفلاسفة العصر، وحصل على التشجيع المادي من مشاهير الرأسماليين، ومن خلال رعايتهم، خدم روسو أمينًا للسفير الفرنسي في البندقية خلال عامي 1743، 1744م.
علامة في تاريخ حياة روسو
كانت نقطة التحول في حياة روسو عام 1749م، حين قرأ عن مسابقة، تكفـَّلت برعايتها أكاديمية (ديجون)، التي عرضت جائزة مالية لأحسن مقال عن موضوع: “هل إحياء النشاط في العلوم والفنون سيؤدي إلى الإسهام في تطهير السلوك الأخلاقي؟”، وما أن قرأ روسو عن المسابقة حتى أدرك المجرى الذي ستتّجه إليه حياته، وهو معارضة النظام الاجتماعي القائم الذي كان يشعر بالاستياء منه كثيراً، ما بين طبقة غنية تهتم بالبذخ والمظاهر والتفاخر، وطبقة كبيرة من الفقراء المعدمين، فقرر أن يكرس حياته في تبيان الاتجاهات الجديدة للتنمية الاجتماعية، وقدم روسو مقاله إلى الأكاديمية تحت عنوان: (بحث علمي في العلوم والفنون) عام 1750 /1751 م، فاز من خلاله بالجائزة ونال الشهرة التي ظل ينشُدها منذ أمد بعيد ولكنه كان يفضل الانعزال والتفكير.
في عام 1755م نشر روسو في إطار مسابقة أخرى تحت رعاية الأكاديمية ذاتها مقالته المعروفة بالخطاب الثاني تحت عنوان “خطاب حول مصدر وأسس اللاعدالة بين الناس” والذي أتم به شهرته وأحدث على غرار الخطاب الأول جدلاً واسعاً، فانصب عليه عداء الحاكم وطبقة الأثرياء.
تتسم آخر أعمال روسو بالإحساس بالذنب وبلغة العواطف، وهي تعكس محاولته التغلب على إحساس عميق بالنقص، ولاكتشاف هويته في عالم كان يبدو رافضًا له، وفي ثلاث محاورات صدرت أيضًا تحت عنوان (قاضي جان جاك روسو) كتبها بين عامي 1772 – 1776م، ونُشرت عام 1782م، حاول روسو الرد على اتهامات نقاده، ومن يعتقد أنهم كانوا يضطهدونه، أما عملُه الأخير، الذي اتسم بالجمال والهدوء، فكان بعنوان (أحلام اليقظة للمتجول الوحيد) كتبه بين 1776 و1778م، ونُشر عام 1782م.
كتب روسو شعرًا ومسرحيات (نظمًا ونثرًا)، كما كانت له أعمال موسيقية من بينها مقالات كثيرة في الموسيقى ومسرحية غنائية (أوبرا) اسمها (عرّاف القرية)، كما كتب مجموعة من الأغنيات الشعبية بعنوان (العزاء لتعاسات حياتي)، وفضلاً عن ذلك، كتب روسو في علم النبات، وهو علم ظل لسنوات كثيرة تتوق إليه نفسه.
في التربية
كتب روسو كتابا رئيسيا في التربية اسمه (إميل) أو (عن التربية) على هيئة قصة طفل، تبدأ القصة بنشأة الطفل إميل وتنتهي بزواجه وهو في سن الخامسة والعشرين، حيث أكد روسو على أهمية أن تتم تربية النشء على طبيعته دون إجباره على حفظ العلوم والثقافات، بذلك يتعلم الطفل من طبيعة ميوله ومن خلال التجربة الشخصية.
وكان من أهم ما يصبو إليه أن ينمي في الطفل الشعور الاجتماعي، ويعزز استقلاليته، مع أهمية أن يكون ذلك مقترنا بتوجيه خفي بحيث تتفق ميول النشئ مع ما يريده المعلم، ويقول روسو في كتابه (إيميل): اتبعوا مع النشء الطريقة العكسية، وهي أن يشعر النشء بأنه هو صاحب الاختيار، فلا توجد استجابة وتكريس إلا بالشعور أن المرء حر فيما يتعلمه، هذا هو التكريس الحقيقي، و يرى روسو أن النشء الذي يتربى بهذه الطريقة الحرة هو الأصلح لمجتمعه.
وقد انتشرت طريقة روسو في تربية النشء سريعاً في مختلف الدول الأوروبية، وهي تعتبر حتى يومنا هذا الطريقة الأساسية في التعليم الحديث.
أفكاره
انتقد روسو المجتمع في رسائل عديدة، ففي رسالته تحت عنوان: (بحث في منشأ وأسس عدم المساواة) (1755م)، هاجم المجتمع والملكية الخاصة باعتبارهما من أسباب الظلم وعدم المساواة، وفي كتابه (العقد الاجتماعي) (1762م)، وهو علامة بارزة في تاريخ العلوم السياسية، قام روسو بطرح آرائه فيما يتعلق بالحكم وحقوق المواطنين.
كان روسو يعتقد أن الناس ليسوا مخلوقات اجتماعية بطبيعتهم، معلنًا أن من يعيش منهم على الفطرة وبمعزل كبير عن المجتمع، يكون رقيق القلب، خال من أية بواعث أو قوى تدفعه إلى إيذاء الآخرين، ولكن ما إن يعيش الناس معًا في مجتمع واحد حتى يصبحوا أشراراً، فالمجتمع يُفسد الأفراد من خلال إبراز ما لديهم من ميل إلى العدوان والأنانية.
لم يك روسو ينصح الناس بالعودة إلى حالة من الفطرة، بل كان يعتقد أن الناس بوسعهم أن يكونوا أقرب ما يكونوا إلى مزايا هذه الحالة إذا عاشوا في مجتمع زراعي بسيط، حيث يمكن أن تكون الرغبات محدودة، والدوافع الجنسية والأنانية محكومة، والطاقات كلها موجهة نحو الإنهماك في الحياة الجماعية.
وفي كتاباته السياسية، رسم روسو الخطوط العريضة للنظم التي كان يعتقد أنها لازمة لإقامة ديمقراطية يشارك فيها كافة المواطنين، ويعتقد روسو أن القوانين يتعيّن عليها أن تعبر عن الإرادة العامة للشعب، وأي نوع من الحكم يمكن أن يكتسب الصفة الشرعية مادام النظام الاجتماعي القائم إجماعيًا، واستنادًا إلى ما يراه روسو، فإن أشكال كافة الحكم تتجه في آخر الأمر إلى الضعف والذبول، ولا يمكن كبح التدهور إلا من خلال الإمساك بزمام المعايير الأخلاقية، ومن خلال إسقاط جماعات المصالح الخاصة، وقد تأثر روبسْبيير وغيره من زعماء الثورة الفرنسية بأفكار روسو بشأن الدولة، كما أن هذه الأفكار كانت مبعث إلهام لكثير من الإشتراكيين وبعض الشيوعيين.
نفوذه الأدبي
مهد روسو لقيام الرومانسية، وهي حركة سيطرت على الفنون في الفترة من أواخر القرن الثامن عشر إلى منتصف القرن التاسع عشر الميلاديين؛ فلقد ضرب روسو سواء من خلال كتاباته أو حياته الشخصية المثل على روح الرومانسية وأدخل روسو في الرواية الفرنسية الحب الحقيقي المفعم بالوجدان، كما سعى إلى استخدام الصور الوصفية للطبيعة على نطاق واسع، وابتكر أسلوبًا نثريا غنائيًا بليغًا، وكان من شأن اعترافاته أن قدمت نمطًا من السير الذاتية التي تحوي أسرارًا شخصية.
من روائع روسو الشهيرة ما قاله عن الحرية، (الحرية صفة أساسية للإنسان، وحق غير قابل للتفويت، فإذا تخلى الإنسان عن حريته فقد تخلى عن إنسانيته وعن حقوقه كإنسان، والحرية تعني تمتع الفرد بجميع حقوقه السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية في إطار قانوني، فالإنسان يولد طيبا بطبعه ولكن المجتمع هو الذي يفسده.
كان روسو يحث على الاعتماد على الضمير للتفرقة بين الطيب والخبيث في المعاملات، وكان يرى أن الأديان جميعها تعمل على توجيه الناس إلى ما فيه خير المجتمع، كما كان يحث على الاهتمام بالنشء واحترامه وإتاحة الفرصة له للتعلم بالتجربة، والتقليل من منعه عمل هذا أو ترك هذا، وكان يقول: إن التلميذ يتعلم من زملائه أكثر مما يتعلمه من المدرسة.
وفاته
توفي جان جاك روسو في الثاني من يوليو عام 1778 بعد أن ترك إرثاً فكرياً أدبياً وإنسانياً ساهم في تغيير جذري ضمن المجتمعات الأوروبية وتعتبر كتاباته من أهم الأسس التي قامت عليها الثورة الفرنسية بعد وفاته.
حازم ضاحي شحادة
- بكالوريوس في الصحافة / جامعة دمشق
- صحفي في جريدة الوحدة السورية سابقاً
- صحفي منذ عام 2007 في قسم الإعلام / إدارة الاتصال المؤسسي في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- كاتبٌ في مجلة المنال الإلكترونية
الخبرات
- التطوع والعمل سنوياً منذ العام 2008 في مخيم الأمل الذي تنظمه مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية حيث قامَ بتحرير أخباره أولاً بأول.
- التطوع والعمل منذ العام 2008 في مهرجان الكتاب المستعمل الذي تنظمه المدينة بشكل دوري وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة منذ العام 2007 في ملتقى المنال الذي تنظمه المدينة بشكل دوري وتحرير أخباره.
- المشاركة في ملتقى التوحد (خارج المتاهة) الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في أبريل من العام 2015 وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة في مؤتمر التدخل المبكر الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في يناير من العام 2016 والمساهمة في تحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة في مؤتمر التقنيات المساندة الذي نظمته المدينة في مارس من العام 2017 وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة منذ العام 2008 في حملة الزكاة التي تنظمها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية سنوياً وتحرير أخبارها أولاً بأول.
- لا بد من الإشارة إلى عشرات وعشرات الفعاليات والأنشطة والزيارات التي تنظمها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ويقوم بتحرير أخبارها أولاً بأول.
- كما لا بد من الإشارة إلى أن 80 في المائة من الأخبار المنشورة عن مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في مختلف الصحف والمواقع منذ منتصف العام 2007 وحتى يومنا هذا هي من تحريره.
المؤلفات
- أديبٌ سوري يكتبُ في الصحافةِ العربيةِ منذ عشرين عاماً
- صدر له حتى الآن:
- المبغى / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- اختلافٌ عميقٌ في وجهات النظر / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- أيامٌ في البدروسية / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- فوق أرض الذاكرة / مجموعة قصصية. دار آس سوريا
- أوراق نساء / 2012 ـ ديوان . دار بصمات ـ سوريا
- نشرت العديد من قصصهِ في مجلات وصحف ومواقع إلكترونية سورية وعربية منها
- (مجلة الآداب اللبنانية) (مجلة قاب قوسين) الأردنية (مجلة ثقافات الأردنية) (مجلة انتلجنسيا التونسية) (جريدة الوحدة السورية)