الدراسات العلمية تشير إلى أن الغضب يؤدي إلى هبوط كفاءة ضخ الدم من القلب مما يؤثر عمله وقد يؤدي إلى الإصابة بإعاقات متعددة
حكى رجل عن حادثة وقعت له، تعرض فيها لصدمة في جانب سيارته، أدت إلى إنهاء رحلة كان يعتزم القيام بها. وبعد مشوار مضن من الروتين في إدارات المرور وورش السمكرة خرج مديناً بمبلغ مالي محترم، ولم يكن هو المخطىء،
وكان الضجر يستبد به ويشعر بالاستياء كلما استقل السيارة. وانتهى به الأمر إلى بيع السيارة. وظل هكذا كلما استرجع هذا الحادث ينتابه الغضب الشديد.
إن مما يعجب له المرء أنه وحسب دراسة عن الغضب وتأثيره في مرضى القلب بكلية طب جامعة ستانفورد، كان كل المرضى في هذه الدراسة مثل ذلك الرجل الغاضب يعانون من الإصابة بأزمة قلبية أول مرة، وكان السؤال: هل كان للغضب تأثير مهم من أي نوع في وظيفة القلب؟
وكانت النتيجة مدهشة: فعندما استرجعوا تذكر الأحداث التي فجرت غضبهم، هبطت كفاءة ضخ الدم من القلب بنسبة 5% وهبطت كمية الدم التي يضخها القلب في بعض المرضى إلى 7% أو أكثر. هذا المعدل يشير إلى نقص كمية الدم الواصلة إلى عضلة القلب، وهذا مستوى خطير في نقص تدفق الدم إلى القلب في رأي اختصاصي أمراض القلب.
ومما يلاحظ أنه لم يحدث هذا الهبوط في كفاءة ضخ الدم في حا لة المشاعر المؤلمة الأخرى مثل: القلق أو الإجهاد الجسماني، ويبدو أن الغضب هو الانفعال الوحيد الذي يضر القلب. قال المرضى إنهم باسترجاع الحادث المزعج شعروا بالغضب إلى درجة تصل إلى نصف حالة الغضب الشديد التي كانوا عليها أثناء الواقعة الحقيقية.
كانت هذه النتيجة جزءاً من مجموعة أكبر من الشواهد التي ظهرت في عشرات البحوث تشير إلى قوة تأثير الغضب في تدمير القلب. لم تصمد الفكرة القديمة القائلة إن نموذج الشخصية من المجموعة (أ) التي يرتفع ضغطها سريعاً معرضة بدرجة كبيرة لأمراض القلب. ومن هذه النظرة غير المؤكدة نشأت نتيجة جديدة هي: إن المشاعر العدائية تعرض الناس لخطر الأمراض.
لقد جاءت كثير من البيانات المتعلقة بالعداوة من بحث قام به الدكتور «ردفورد وليامز» بجامعة ديوك. حيث وجد وليامز أن الأطباء الذين حصلوا على أعلى الدرجات في اختبار العداوة عندما كانوا طلبة في كلية الطب، كان احتمال وفاتهم في سن الخمسين يزيد سبع مرات عن زملائهم الذين حصلوا على درجات منخفضة في اختبار العداوة، اتضح أن ميلهم للغضب كان مؤشراً قوياً على وفاتهم في سن أصغر وليس نتيجة لعوامل الخطر الأخرى، مثل: التدخين وارتفاع ضغط الدم وزيادة الكوليسترول.
وقد أبرز الباحثون في جامعة ييل أن الغضب وحده، قد لا يكون سبب ارتفاع معدل خطر الوفاة بأمراض القلب، إنما الانفعالية السلبية المكثفة من أي نوع كانت هي التي تؤدي إلى انبعاث هرمونات التوتر بانتظام في الجسم.
وعموماً، ترجع أقوى الروابط العلمية بين الانفعالات وأمراض القلب إلى الغضب، وعلى سبيل المثال، عندما سئل أكثر من 1500 رجل وامرأة تعرضوا لأزمات قلبية، عن حالتهم الانفعالية في الساعات التي سبقت الأزمة القلبية، وذلك في البحث الذي أجري في كلية طب جامعة هارفارد، تبيّن أن خطر السكتة القلبية قد تضاعف مع مزيد من الغضب مع مرضى القلب بالفعل، واستمر تزايد الخطر لمدة ساعتين تقريباً بعد إثارة انفعال الغضب.
ومن ناحية أخرى، فإن هناك أخباراً مبشرة، لن يكون الغضب المزمن ـ بإذن الله ـ حكماً بالإعدام. والعداوة يمكن تغييرها. فقد سجلت مجموعة من مرضى الأزمة القلبية بجامعة ستانفورد في برنامج خصّص لمساعدتهم في تخفيف المواقف التي تجعلهم سريعي الغضب، نتج عن تدريبهم على السيطرة على انفعال الغضب انخفاض في معدل حدوث الأزمة القلبية الثابتة بنسبة 44% على مَنْ لم يحاولوا تغيير انفعالاتهم العاطفية.
كما حقق البرنامج الذي وضعه وليامز نتائج مفيدة ومشابهة، حيث يعلّم هذا البرنامج مثل برنامج ستانفورد عناصر الذكاء العاطفي الأساسية، وخاصة التنبه عند بداية إثارة الغضب، والقدرة على تنظيمه بمجرد بدايته والإحساس بالتعاطف.
ويطلب من المرضى تسجيل أفكارهم العدائية بسرعة، ومحاولة ايقافها إذا استمرت معهم. ويُشّجع هؤلاء المرضى على استبدال أفكارهم العدائية القاسية بأفكار معقولة من خلال المواقف التي تتم فيها التجربة.
ختاماً أقول وبكلمة مختصرة: حقاً إن التعاطف هو بلسم الغضب…
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
مكان الميلاد: الرياض
تاريخ الميلاد: 1385هـ
المؤهلات العلمية:
الماجستير: ماجستير اقتصاد إسلامي عام 1413هـ.
الدبلوم العالي: دبلوم عالي اقتصاد اسلامي عام 1414هـ.
الدكتوراه: دكتوراة اقتصاد اسلامي عام 1419هـ.
التاريخ الوظيفي:
مدرس مواد تجارية: الثانوية التجارية بالرياض 1/2/1408هـ.
معيد: كلية الشريعة بالرياض 30/6/1408هـ.
محاضر: كلية الشريعة بالرياض 29/12/1413هـ.<
محاضر: عمادة البحث العلمي بالرياض 1/4/1416هـ.
محاضر: كلية العلوم الاجتماعية بالرياض 1/6/1418هـ.
عضو هيئة التدريس: عمادة المركز الجامعي لخدمة المجتمع بالرياض 1/11/1421هـ.
مستشار اقتصادي: معهد البحوث والخدمات الاستشارية بالرياض 15/7/1423هـ.
شارك في العديد من المؤتمرات والندوات والملتقيات وورش العمل
عضو في عدد من الجمعيات العلمية العربية والأجنبية
عضو في عدد من اللجان العلمية
أشرف على عدد من الرسائل العلمية
كاتب متطوع في مجلة المنال
صدر له كتابان في سلسلة كتاب المنال، العاشر؛ مشكلات العصر والإعاقة والسادس عشر؛ رؤى فكرية لقضايا عصرية.