اعداد: مي الرئيسي
الأسرة هي النواة الأولى للمجتمع، فالمجتمعات مهما كان حجمها، تبدأ بالفرد الذي لا يكون له وجود إلا من خلال الأسرة، وهي الدائرة الأولى والأقرب التي يتعلم منها كيف يتعامل مع من حوله، فإن سلوكيات الفرد ومفردات لغته مكتسبة في جانب كبير منها، والترابط الأسري من الجوانب التي يجب الاهتمام بها عند تربية الأبناء، لأنه يساعد ولو بشكل غير مباشر على تهذيب سلوكياتهم، وتوجيه طاقتهم وحماسهم في المكان الصحيح على عكس ما يحدث عندما ينشأ الطفل في أسرة مفككة.
خاصة في سنواته الأولى التي تدوم تجاربها طويلاً، لذا كانت سلوكيات الأبناء والقيم التي يتحلون بها، تعبيراً عن حالة الأسرة ذاتها ، باعتبار أن المحيط الأولي للفرد يترك آثاراً سلوكية ونفسية من الصعب محوها
ومن هنا تعددت المهام المنوط بالأسرة القيام بها تجاه أفرادها، سواء في الجانب التربوي أو الاجتماعي أو الثقافي أو الوطني، أن قيام الأسرة بدورها تجاه أبنائها، يوفر الكثير من الجهد والوقت والمال على العديد من المؤسسات التربوية بكل أشكالها، كما أن تقاعسها عن هذا الدور يجعل من الصعب على أية مؤسسة أن تكون بديلاً عنها أو تحتل مكانها، وهو ما يدل على أنها المؤسسة التربوية الأهم، وبصلاحها يصلح المجتمع . إن الأسرة هي مصنع الرجال، وإذا أردت أن تحكم على مستقبل أية أمة، فما عليك إلا التحقق من نهج الأسر في التعامل مع أبنائهم الذين سيكونون آباء وأمهات المستقبل.
إن بناء الرجال قرين بناء الأوطان، وقيم حب الوطن والتضحية من أجله والانتماء والولاء له، ولأن الأبناء هم المدافعون عن الوطن والحامون له، لذلك فإن الترابط الأسري من القضايا المتعلقة بأمن الوطن الذي يبدأ من الأسرة، وإذا كان الأمر كذلك، فلا ينبغي أن يتنازل الأبوان عن هذا الدور ليقوم به غيرهما، فالترابط الأسري هو الطريق إلى مجتمع آمن. فإذا أردنا الحديث أكثر عن الجو الاسري المناسب لأبنائك فيمكنك توفيره من خلال ما يلي :
كن مثالاً جيداً لأولادك
شكل الأسرة والعلاقة التي تربط بين الأبوين أهم ما يؤثر في شخصية الأطفال، لو حدث أي توتر أو خلاف واضح بينك وبين زوجتك فتأكد أنه سيترك أثر سابي في نفسيتهم، وسيُشعرهم بعدم الأمان، لذلك لابد أن تعمل على علاقتك بشريكة حياتك، وتسعى لتخطي أي مشكلة مهما كانت في أسرع وقت ممكن، دون أن يشعر بها الأطفال، مشاكلكما لابد أن تنتهي مع حدود غرفتكما
نمي حب واحترام العائلة بين أبنائك
حب العائلة واحترامها من أهم الأمور التي يجب أن تُركز عليها وتُنميها في أبنائك، يجب أن يُدرك كل منهم أن علاقته بأسرته ليست مؤقتة أو مشروطة بأي شيء، بل لابد أن يترابط الجميع ويصبحون جزء لا يتجزأ من حياة بعضهم البعض سواء في السراء أو الضراء.
الاجتماعات العائلية من الأمور المقدسة
الاجتماعات العائلية باتت شبه منعدمة بين أغلب الأسر، بالتالي انعكس هذا الأمر بالسلب على مدى التواصل والترابط بين أفرادها، يجب أن تضع موعد محدد كل أسبوع وليكن ليلة الجمعة مثلاً لتتأكد أن الجميع متواجدون، استغل هذا الوقت في النقاش عن مشاكل الأسرة والتفكير في حل لها، كذلك نقاش أي مشكلة تواجه أي شخص بمفرده، ولا تنسى أيضاً أن تُضيف بعض المرح والألعاب المحببة للجميع كي يستمتع أطفالك بوقتهم وتُصبح الاجتماعات العائلية من الأمور المحببة إليهم.
حافظ على صلتك مع والديك وأقاربك
صلتك بوالديك وأقاربك وحرصك على التواصل معهم باستمرار، وتقوية هذا المفهوم وأهميته لدى أبنائك منذ صغرهم سيُنمي مفهوم التواصل والترابط الأسري لديهم، لذلك حاول أن تجد عمل مناسب في نفس المدينة التي يعيش بها والديك وأقاربك، واحرص على لقائهم باستمرار، أما إن لم تستطع فاستخدم وسائل الاتصال الحديثة، سواء المحادثات الصوتية أو محادثات الفيديو وغيرها كي تتواصل أنت وأطفالك معهم، وادعوهم أن يقضوا بعض الوقت في منزلك، أو اذهب لزيارتهم من حين لآخر، الأهم أن تُساعد أبنائك على الانخراط في جو أسري طبيعي.
لا تبتعد عن أصدقائك
ابحث بين أصدقائك عن أكثر شخص يُمكن أن يُمثل قدوة جيدة لأطفالك، بمعنى آخر ستكون فخوراً بهم لو ساروا على خطاه، ثم حاول أن تتواصل معه بانتظام وتُنظم لقاءات أسبوعية بينه وبين أطفالك، كقضاء بعض الوقت في منزله أو الخروج للتنزه، واطلب منه أن يُشارك قصص نجاحه معهم وما فعله كي يصل لما هو عليه الآن ويوجه لهم بعض النصائح أيضاً.
تعرف على أصدقاء أولادك
أصدقاء أطفالك يُعتبرون بمثابة عائلتهم الثانية، لذلك لابد أن تكون على صلة بهم، بل وبعائلاتهم أيضاً، نظم بعض اللقاءات التي تجمع بين الأسرتين من حين لآخر وتعرف عليهم وقوي علاقتك بهم لتتأكد أن وجودهم في حياة طفلك لن يكون له تأثير سلبي عليه وعلى سلوكه لاحقاً.
تعرف على أساتذة أطفالك
اهتم بالتعرف على أساتذة أطفالك وإدارة المدرسة وأسلوبهم في التعامل مع التلاميذ …إلخ، فالمدرسة ليست مجرد مكان يذهب إليه الطفل للتعلم، وتأثيرها عليه وعلى شخصيته أقوى مما تتخيل، لذلك حاول أن تتعرف أكثر عليهم، احضر لقاءات الآباء وأسألهم عما تُريد وأخبره عن قلقك حيال أي شيء وعن الأسس التي تسعى لغرسها في طفلك كي يُراعوها أثناء تعاملهم معه.
مي عبد الله الرئيسي
[email protected]
- اختصاصية اجتماعية في مدرسة الوفاء لتنمية القدرات بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية (من يونيو 2014 حتى الآن)
- حاصلة على بكالوريوس في الآداب علم الاجتماع، جامعة الشارقة 2010 – 2011
- حاصلة على دبلوم الإرشاد الأسري، جامعة الشارقة 2015 – 2016
- مقرر مجلس الاختصاصيين الاجتماعيين منذ 2019
- عضو سابق في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة (حملة سلامة الطفل 2014 – 2015)
- عضو في جمعية الشارقة الخيرية منذ عام 2019 حتى تاريخه
- عملت اختصاصية اجتماعية في دائرة الخدمات الاجتماعية (دار رعاية الأطفال)
- عضو في لجنة تعداد ذوي الاحتياجات الخاصة بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية
- عضو في فريق الزيارات لحملة كلنا مسؤول بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية